قدماه تحتضنان خيبة ألم مرير.. و حذائه يصرخ عند كل التقاء بالرّصيف..
يداه في شبه جنون تصارع جزيئات الهواء.. و شعره يتأوّه تحت لهيب تصارع الأفكار في الأعماق
مع أنّه صامت.. لكنّ بداخله أعاصير الحياة... بركان
التقى بها في طريقه... فنسي ما به... تحوّل بركانه ألما و توجّعا و حسرة... شفقة
رأى دمعها الحارّ ينساب .. و سمع صوتها المختنق :
أوّاه يا زمن العجائب و المصائب.. رموني بعقم في الشّباب
دكّوا عظامي..نهشوا ما تبقّى بداخلي.. أوجعوني ضربا و إهانة
حطّموا معنى حروفي... جعلوا كلماتي إبرا توخز جسمي الممزّق..
جعلوا التّعبير سوطا يمزّق أطرافي... سمّا أتجرّعه في كلّ آونة و حين..
أصبحت التّاء طادا و السّين صادا و الذّال زايا
أصبح المذكّر أنت و المؤنّث أنتي... المذكّر لك و المؤنّث لكي
أنا رمز الهويّة .. و لغة الذّكر..و أصل التّواصل... أنا الأمّ
أوّاه يا زمن العجائب و المصائب....
جثا على ركبتيه في خشوع .. و بسط الأكفّ متضرّعا
رحماك ربّي و أنت القائل لا يغيّر الله ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم
كيف السّبيل لمنع هذا لإجرام..كيف الوصول لمعنى الكلمة و التّعبير..
ربّاه ألهمنا الصّواب..و أجرنا برحمتك..
ألهم عبادك حبّ اللّغة الأمّ و رمز الهوّية... احترام الرّسم و التّعبير
تقدير الحرف و الكلمة ... فقد ابتعدوا عن الطّريق
ابتعدوا عن الأصل ... عن الإيمان